ما هو الوعي الذاتي ج 2

Aug 07, 2025 |
Twitter

أكمل في هذه التدوينة ما بدأته في تدوينة سابقة حول الوعي الذاتي

كيف يساعدك الوعي الذاتي على فهم نفسك والآخرين؟


تحدثنا في تدوينة سابقة عن الوعي الذاتي 

تستطيع قراءة التدوينة الأولى من هنا ما هو الوعي الذاتي ج 1 

في المقالة السابقة، تحدثنا عن مفهوم الوعي الذاتي، وكيف أن قراراتنا وسلوكياتنا غالبًا ما تنبع من القيم والمبادئ التي نحملها. أشرنا أيضًا إلى أن بعض الأشخاص قد يتصرفون أو يتحدثون بطريقة غير مفهومة حتى بالنسبة لهم، نتيجة لحالة نفسية أو ظرف داخلي، دون أن يدركوا السبب الحقيقي وراء ما يفعلونه.

واليوم، نكمل هذا الحديث، وسنتناول في مقالات لاحقة جوانب متعددة للوعي الذاتي، ولماذا تبدو بعض السلوكيات مقبولة لنا أحيانًا، بينما تزعجنا في أحيان أخرى.


إن كنتِ جديدة هنا، فأنا هلا السلكا، كوتش ومدونة، أخصص هذا الموقع لتقديم مقالات وأفكار مستمدة من خبرتي في مجال التدريب والتطوير الذاتي، وبالأخص الكوتشنغ. كل ما أشاركه هنا يهدف إلى مساعدتك على فهم ذاتك بشكل أعمق، واتخاذ خطوات عملية نحو التغيير والنمو.

الوعي الذاتي: حجر الأساس في الإرشاد والتغيير

حين نبدأ بممارسة الوعي الذاتي بانتظام، نمنح أنفسنا فرصة حقيقية للتغيير العميق والدائم. فمعرفة العالم الداخلي لكل واحدة منا – من مشاعر وأفكار وقيم – هو المفتاح لفهم سلوكياتنا وتعديلها.

من المهم أن تدركي أن نصيحة واحدة جيدة لا تكون فعّالة ما لم يكن هناك وعي حقيقي. على سبيل المثال، إن أخبرتِ إحدى صديقاتك بكيفية التخلص من عادة سيئة، فلن تنجح تلك النصيحة إذا لم تكن هي على دراية بسبب تمسّكها بهذه العادة. قد تتوقف لبعض الوقت، لكنها ستعود إليها لاحقًا بمجرد أن تمر بضغط أو تحدٍّ.

بالتالي، فالوعي الذاتي لا يفيد فقط الشخص الذي يبحث عن التغيير، بل يفيدنا نحن أيضًا عندما نحاول دعم الآخرين. فهو يجعلنا أكثر تفهمًا ومرونة، ويمنعنا من إسقاط مشاعرنا أو تجاربنا عليهم.

التأمل واليقظة الذهنية: بوابتكِ نحو وعي أعمق

كثير من السيدات يسألن: كيف أبدأ في تنمية وعيي بنفسي؟
والإجابة البسيطة: من خلال التأمل واليقظة الذهنية.
حين نتوقف للحظات يوميًا لنتأمل أو نمارس التركيز على اللحظة الحاضرة، نبدأ تدريجيًا بفهم ما كنا نتجاهله لسنوات. نلاحظ أفكارنا، نميّز مشاعرنا، ونصبح أكثر لطفًا مع ذواتنا.

هذا التمرين البسيط يساعدكِ على تغيير نمط تفكيرك والتعامل مع الحياة بوعي واختيار، بدلًا من التفاعل التلقائي.

الذكاء العاطفي يبدأ من هنا

هل سمعتِ من قبل بمصطلح الذكاء العاطفي؟
إنه قدرتكِ على فهم مشاعرك وتنظيمها، والتفاعل مع مشاعر الآخرين بوعي وتفهّم.

بحسب دانيال جولمان – أحد أبرز الباحثين في هذا المجال – يتكوّن الذكاء العاطفي من خمسة عناصر، أولها وأهمها: الوعي الذاتي.

فمن دون وعي بذاتكِ، لا يمكنكِ تنظيم انفعالاتك، ولا التعامل بفعالية مع الآخرين.
ومن دون هذا الوعي، حتى التعاطف يصبح مشوشًا، والمهارات الاجتماعية محدودة.


استعارة البصل للهويات

قد يبدو الأمر غريبًا، لكن تخيّلي نفسكِ كـ بصلة.
في الداخل، هناك قلب الهوية الشخصية – من أنا حقًا؟
ثم تأتي الطبقات الخارجية: ديني، عمري، جنسي، مجتمعي، دوري كأم أو زوجة أو موظفة…

استعارة البصل
استعارة البصل



نحن جميعًا نريد الانتماء، لكننا نرغب أيضًا بالتميّز. نُعدّل سلوكياتنا أحيانًا لنكون مقبولين، وأحيانًا لنبقى مختلفات. هذه التعديلات تحدث باستمرار، دون أن ننتبه، ولكنها تؤثر على شعورنا بالرضا أو الصراع مع الذات.

معرفة هذه الطبقات، والقدرة على تمييزها، يساعدكِ على العيش بطريقة أصيلة، دون أن تذوبي في الآخرين، ودون أن تنعزلي عنهم.

4 نصائح لتحسين الوعي الذاتي داخل العلاقات

سواء كنتِ أمًا، أو زوجة، أو صديقة، إليك بعض الخطوات التي تعزز وعيكِ داخل العلاقات:

1- كوني حاضرة بالكامل
لاحظي لغة الجسد ونبرة الصوت، لا تركزي فقط على الكلمات.

2- تحدثي باستمرار

لا تؤجلي المواضيع التي تزعجكِ. الحوار الدوري يمنع تراكم المشكلات.

3- امنحي نفسكِ وقتًا منفصلًا
لا بأس من قضاء وقت بعيد عن من تحبين، فهذا يحافظ على توازنكِ ويجعلكِ أكثر حضورًا عند اللقاء.

4- تفهمي وجهة نظر الطرف الآخر
وشاركيه وجهة نظرك. هذا التبادل يبني علاقات صحية وعميقة.



الوعي الذاتي في العمل والقيادة

قد تعتقدين أن من يملكن خبرة طويلة أو مناصب عليا يتمتعن بوعي أكبر. لكن الحقيقة ليست دائمًا كذلك.
فالتجارب لا تُعلّم دائمًا، ما لم نقف عندها ونتأملها.

في دراسة أجريت عام 2018، تبيّن أن 10–15% فقط من الناس يمتلكون وعيًا ذاتيًا حقيقيًا، رغم أن الأغلبية يعتقدون عكس ذلك.

لذا، خذي وقتًا لتسألي نفسكِ الأسئلة الصحيحة. بدلًا من "لماذا أفشل؟"، اسألي "ما الذي يحدث حين أفشل؟ وماذا أستطيع تغييره؟"
الأسئلة الصحيحة تفتح أبواب الوعي… والفرص.

هل الوعي الذاتي يهم الأطفال والمراهقين؟

بالتأكيد.
الوعي الذاتي ليس خاصًا بالكبار أو المديرين.
حين نعلّم أبناءنا أن يتحدثوا عن مشاعرهم، ويفهموا ما يحتاجونه، ونساعدهم على التعبير عمّا يزعجهم، فإننا نمنحهم قوة داخلية سترافقهم مدى الحياة.

كلمة أخيرة...

الوعي الذاتي ليس رفاهية، بل ضرورة في هذا العالم المتسارع.
حين تعرفين نفسكِ بصدق، تصبحين أكثر لطفًا معها، أكثر قوة في قراراتكِ، وأعمق فهمًا لمن حولك.



هذا ما عندي، فإن أحسنت فمن الله، وإن أسأت أو أخطأت فمن نفسي والشيطان

إن كان لديك أي إضافة لهذه المقالة فراسلني على بريد الموقع , ولا تنس أن هناك المزيد من المقالات المتممة لهذا الموضوع قادمة لاحقا

التصنيفات : All

موافق على شروط    الاستخدام  والأحكام

حول هلا سلكا

خمس سنوات من التعلم أكسبتني مجموعة من المهارات الحياتية بالإضافة لإعتمادين بالكوتشنغ من مدرستين مختلفتين , هذا إلى جانب قراءاتي المختلفة في تنمية الذات والتطور الشخصي والعمل مع مجموعة رائعة من العميلات اللواتي كان إصرارهن على النجاح وتخطي الصعاب هو هدفهن الأول من خلال جلسات كوتشنغ فردية أو من خلال ورشات كوتشنغ جماعية